بلدة الخُوَيْبِيَّة الأثريَّة

تقع بلدة الخُوَيْبِيَّة شمالَ منطقة العراقي بولاية عَبْرِي وتُعتَبرُ من المناطق الأثريَّة المندثرة المهجورة و بقي منها بعضُ الشواهدِ مثل الحصون وآثارِ البيوت والأبراج وغيرها و التي تدلُّ على حضارةِ سكانِ تلك المنطقة. تمَّ تسمية بلدة الخُوَيْبِيَّة نسبةً إلى موقعها المختبئ حيث قال البعضُ إنها “مُختبئة” بين جبلين.

تنوَّعت البيوت العمانية القديمة في أشكالها واحجامها وطرق بنائها والمواد المستخدمة فيها، بحسب المناخ السائد في تلك المنطقة. فقد بُنيت البيوت الطينية في المناطق الداخلية باستخدام مواد مختلفة كالطين واللِّبَاد والحجارة إلى جانب الماء كمواد بناء أساسية. ووفقًا لما ذكره كبارُ السنِّ و منذ قرونٍ طويلةٍ وحتى منتصف القرن الميلادي الماضي، كانت الحجارةُ والطينُ والجِصُّ هي الموادَ الأكثر استخدامًا في العمارة العمانية.تتميز بلدة الخُوَيْبِيَّة بتصميمها المعماريِّ الدفاعيِّ المُستوحى من طبيعة المنطقة. حيث تم بُنيت البلدةُ بين جبلين الأول من جهةِ الشمال والآخر من جهةِ الجنوب و يُحيط بالبلدة سورٌ دفاعيٌّ من جهة الشمال الغربي، يتراوح طوله بين ٢ إلى ٣ كيلومترات وارتفاعه قد يصل إلى مترين ونصف. كما تمَّ تشييد برجين للمراقبة الأول في بداية السور والآخر في نهايته ويتميز البرجان بموقعهما المرتفع على الجبال المحيطة.كما تدل بقايا اثار السورُ والأبراج المبنيه من الحجارة والطين المستخرجه من المنطقة ذاتها. كما يوجد مدخلان رئيسيَّان للبلدة الأول في بداية البلدة من الجهة الشمالية، والثاني في نهايتها من الجهة الجنوبية و يُعتبَرُ المدخلُ الشماليُّ المدخلَ الرئيسيَّ للبلدة. تم تحصين المنطقة بأبراجِ مراقبةٍ متفرقةٍ على قممِ جبال الصخبري المحيطة لتأمين المنطقة من الغزاة و الحماية.

وفقًا لما ذكره كبارُ السنِّ من اهل المنطقة كانت بلدة الخُوَيْبِيَّة غنيةً بالمصادر الطبيعية وأهمها المياهُ المنبثقةُ من الجبال، كما توجد آثارُ سواقي وأراضٍ زراعيةٍ في الجهة الشمالية من البلدة. توجد أيضًا آثار بيوتٍ قديمةٍ مبنية من الحجارة وأخرى مبنية من الطين. وتحتوي البلدة على حصنين الحصنُ العالي الذي يقع بجوار المدخل الشمالي للبلدة وهو مبنيٌّ من الحجارة والطين، والحصنُ السافل الذي يتكون من ثلاث غرفٍ وسَرْح ويوجد بداخله بئر ماءٍ لتأمين المياه في حالات السلم والحرب. تتميز بيوتُ بلدة الخُوَيْبِيَّة بانتشارها بين سفوح الجبال والمناطق المستوية داخل السور. كما يوجد أثرٌ لمسجدٍ بجانب السور الشمالي والمبنيٍّ من الحجارة والطين والجِصّ.

منذ القدم كان الإنسانُ العُمانيُّ يعملُ في مختلف الأنشطة والمهن، وفقًا للبيئة التي يعيش فيها. فقد استفاد من الموارد المتاحة لبناء مسكنٍ له ولعائلته. ويعتقد البعضُ أن سكانَ بلدةِ الخُوَيْبِيَّة كانوا يعتمدون في معيشتهم ومصادر دخلهم على الزراعة، مثل زراعة القمح والتمور والليمون وغيرها، وأيضًا على تربية الماشية مثل الإبل والأغنام، حيث كانت المنطقةُ تتميز بالرعيِّ المفتوحِ في منطقة الجُفْرَة والصَّخْبَرِي.

تُعتبَرُ بلدة الخُوَيْبِيَّة مزارًا يقصده السياحُ من مختلف مناطق السلطنة، لما تحتويه من آثارٍ وشواهدَ معماريةٍ مختلفة. كما يزورها البعضُ للتخييمِ والاستجمام على رمالها الذهبية المتكونة على الجبال المحيطة. وعلى الرغم من اندثار معظم معالم البلدة، و يمكن الوصولُ إليها من عدةِ طرق من بلدة العراقي أو بلدة العينين.

بقلم: مالك بن ذياب بن سالم العبري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *